Friday, January 1, 2010

مغامرات فى المدينة الفاضلة

صباحا وانا فى طريقى لحضور جنازة أحب أصحاب والدى إلى قلبى جالت بخاطرى بعض الأفكار التى تراءى لى أن أسجلها سريعا حتى لا تتبخر وسط زحام الأحداث... هذه الأفكار هى صورة مصغرة لصراع داخلى أعيشه وأحاول أن أعبر عنه وسط حديثى مع أصدقائى الذين عادة ما يغلقوا الحوار... غير أن مرآتى الصدوقه قد تكون الوحيده التى تعلم مايجول بخاطرى ......

هل المدينه الفاضلة بالفعل نظريه وأسطورة من صنع أفلاطون ؟؟ أم أنها حلم وفرصه قد أضعناها بتخاذلنا؟؟
هل من الممكن صنع ولو جانب من جوانب المدينه الفاضله فى حياتنا اليوميه ؟؟ أم أننا بطبيعتنا كبشر غير مؤهلين لأن نتعامل بكل هذه الشفافيه والنقاء... قد يكون مسلسل عائلة ونيس كان محاوله من شخص أن يذكرنا بهذه المدينة المفقوده ... لكن هل فعلا من الممكن أن ننقل هذا الحلم إلى الواقع لو أخلصنا النيه أم أنها أصبحت من المستحيلات؟؟

الأصل فى المجتمع دائما هو الصلاح ...والأصل فى الإنسان الخير... لكننا نرى اليوم كل ما آل له حال الإنسان والأرض من الكوارث والمصائب التى تحل علينا من كل جانب ...كلها ترجع إلى حقيقه واحده فقط...بعد المجتمع عن منهجه الصحيح... الصلاح...

المجتمع الصالح البنّاء يتواجد بجهود الأفراد كلها متضافره... كل هذه الجهود تعمل فى إتجاهات متعدده متكامله... مفادها ومنهجها هو البناء...بناء المجتمع...الذى يبدأ ببناء الفرد... أى أن المجتمع الصالح فى أصله مجتمع يتكامل فيه الأفراد لبلوغ هدف واحد ...مجتمع يقوم على التنافسيه الخلّلاقة ...التنافسيه التى تصب نتائجها فى مصلحة المجتمع فى الأصل وليس الفرد كوحده واحده قائمة بذاتها... فتكون أصغر وحده فى المجتمع هى الفرد ولكن يكون الفرد فى حد ذاته ومنفردا لا يمثل وحدة قائمة...

ولكن نعم الإنسان مخلوق خطّاء ...احيانا كثيرة ما يحيد عن الصواب ... هنا يأتى دور المجتمع لتقويم الفرد... لنصحه وإرجاعه للصواب... ولكن ماذا لو كان ذلك الفرد لا ينتصح؟؟ هل يتقبل المجتمع وجوده فيه ويتركه ليكوّن مجتمع آخر جزئى بداخل المجتمع الأساسى بما يهدد قوامه أم يعزله وينبذه من المجتمع؟؟

هل عقاب المخطئ مسئولية المجتمع ككل بمعنى أنه من حق الأفراد معاقبة المخطئ مع العلم بأنه كان مكفول له كل الحق فى التعبير عن رأيه والتفكير و الفعل ورد الفعل ولكنه أساء إستغلال كل هذه الحقوق بما أضر بفئه من الآخرين؟؟؟ ومن يحكم على حجم هذا الضرر أو صحة الضرر ووقوعه بالفعل؟؟
البعض سينظر لذلك بإعتباره دعوة للبلطجه وفرض الرأى ...لكن ماذا لو المجتمع ككل إجتمع على وقوع الضرر بالفعل؟؟ سيقول البعض فى هذه الحالة بأن الكل نعم متفق على أن الفرد بالفعل فاسد (وفاسد هنا المقصود بها نفسيا وليس أخلاقيا...حيث أن فساد النفس أشد أيذاءا للآخرين من فساد الأخلاق) ولكن كل فرد يرى الحل والموقف بوجهة نظر مختلفه... فهل بعد ذلك من الممكن أن يختلف أفراد المجتمع فى رد الفعل؟؟

سؤالى هنا... هل إختلاف رد الفعل يضعف الموقف أو يقوّيه؟؟ هل من الممكن أن يتفق أفراد المجتمع على حرمان الفرد المراد عقابه مما يحب من خلال مواقفنا المتباينه منه ومن أفعاله ..ونكون بذلك حرمناه من أكبر قدر من المميزات والامتيازات التى كان ينالها بتواجده مع مختلف الأفراد ويكون هناك تنسيق بين كل الأفراد المشتركين فى عملية العقاب؟؟ أم أن كل الأشخاص يجب أن يتفقوا على حرمانه من نفس الشئ أو نبذه تماما؟؟
بالطبع لا تتوافق آراء الأشخاص جميعا على نفس الموقف من نفس الشخص... ولكنى أتكلم عن شخص مجتمعه الداخلى مكوّن من 5 أفراد مثلا إتفقوا على أنه فاسد نفسيا ولا ينتصح ... هل من الممكن تطبيق هذه النظريه عليه؟؟
يمكن إطلاق مصطلح العقاب الجماعى على ما أطرحه هنا... عقاب جماعى لكن بمفهوم مغاير للمفهوم المتعارف عليه ...ليس عقاب جماعه من المخطئين... بل إشتراك جماعه من المصلحين فى عقاب فرد مخطئ واحد...
المشكلة التى يعانيها المجتمع من وجهة نظرى هو الفهم الخاطئ لحرية الفكر وحرية التعبير وحرية التصرّف لدرجة إعطاء الحق للفاسدين فيما يفعلوا بدعوى حرية التصرّف والفعل ورد الفعل حتى نصل إلى أن المخطئ يظل معتقدا أنه على صواب بدعوى عدم جواز فرض وصاية أحد على فكر الآخرين ...

لا أدعو لأن يتربص الأفراد لبعض ... أو يُنصِّب البعض أنفسهم المصلحين فى الأرض...
عقاب الفرد لن يكون على أخطاؤه فى حق نفسه ... وإن كان المجتمع الرشيد هو الذى يتناصح أفراده ويكونوا لبعض كالبنيان المرصوص... ولكن من أتحدث عنهم هم المخطئين فى حق الآخرين... من أعتقد أنهم أحق بأن يُنبذوا هم الأكثر إيلاما للآخرين... الفئة التى ترقص على جروح الآخرين ... المنافقين ... الحاجدين ... أعتقد أن كل هؤلاء لا يشغلوا بالا بالآخرين ...فلماذا يظل البعض يتوددون إليهم ويتقربون إليهم إذا كانوا متظاهرين بعدم حاجتهم لأحد؟؟
فإن نُبذ وإستطاع التأقلم؛ فما كان ليستحق منذ البداية أن يكون مع هؤلاء الأفراد ... وإن لم يستطع التأقلم إضطر للبحث عن مصدر الخطأ والحوار مع الآخرين ..فإن كان مخطئ تقوّمَ ..وإن كان الآخرين أساءوا فهمه؛ حاورهم فغلبهم بحجته...

لكن للأسف نحن متكاسلون ونعمد دائما للهروب من مواجهة الخطأ حتى ولو كانت أخطاؤنا....وذلك ما أدى إلى تفاقم مشكلاتنا...

لا أدعو لأن يقف أفراد المجتمع بعضهم لبعض بالمرصاد ...ولكن أدعو أن يقوّم المجتمع نفسه بنفسه فيستأصل ما فسد من أجزاؤه ...أتكلم عن المجتمع الداخلى للفرد... ففى عالمنا هذا لا أعتقد أن أمه بأسرها قد تتفق فى يوم ما... ولكن أتكلم عن الدائرة الداخليه جدا للفرد ... حتى إذا تحقق ذلك فى كل مجموعة وقوّمت نفسها بنفسها... صَلُح المجتمع والأمة ككل... كنتاج من صلاح الأفراد ودوائرهم...

2 comments:

  1. bravo bravo bravo ,really these words discuss the important part of reform of the nation and try to develop it ,so i hope that all the world read this article and learn how to live this life in peace and with out corrupt
    "Gzaky ALLAH kol kheer"

    ReplyDelete
  2. Thanks alot for passing by :)
    I'm pleased you liked it :)

    ReplyDelete